5‏/6‏/2011

ياسر قشلق: مؤتمر أنطاليا للاستهلاك وزيادة الضغط على سورية


ياسر قشلق
أكّد رئيس حركة «فلسطين حرّة» ياسر قشلق أهمية القرارات التي صدرت عن القيادة السورية قبل أيام، معتبراً أنّ القادة يعطون ما هو ضروري، وليس ما هو متوقع.وقال قشلق، في حديثٍ خصّ به صحيفة «بلدنا»: إنّ «المشكلة الحقيقية في أحداث اليوم هي في من يخرج للتظاهر؛ لأنّه مدعو للخروج، وليس لأنه يريد هو أن يتظاهر»، داعياً الشباب أن «تكونوا ذواتكم.. فقصر العمر لا يسمح أن تكونوا أشخاصاً آخرين، أو ألعوبة بيد الآخرين».

وتحدّث رئيس حركة «فلسطين حرة» في الشق الأول من لقائه عن الأحداث في سورية، عارضاً بشيءٍ من التفاصيل مواقف الدول العربية والغربية مما يجري من أحداث داخلية، ومعلّقاً على دور الإعلام في هذه المرحلة.وجاء في تفاصيل الجزء الأول من اللقاء:

¶أستاذ ياسر، أبدأ معك من الإشكالية التي يثيرها بعضهم حول ظهورك الإعلامي المتكرر للحديث عن الأوضاع التي تشهدها سورية، وذلك بوصفك لاجئاً فلسطينياً لا علاقة له بما يجري.
من الطبيعي أن يستاء بعضهم من ظهوري، لكن كنت أتمنّى على هؤلاء أن تكون انتقاداتهم موجهة إلى جوهر ما أقول، والابتعاد عن شخصنة الأمور، بمعنى آخر، أنا حينما أخرج لأتحدث عمّا يجري في سورية أدافع عن الوطن الذي احتضنني واحتضن عائلتي، أدافع عن الوطن الذي رُويت بمائه، أدافع عن وطنٍ تحمّل على مدار ثلاثٍ وستين عاماً إفرازات وتبعات الوجود الفلسطيني على الأرض السورية، وبالتالي أنا لا أدافع عن أشخاص، لذلك أستغرب أن يكون انتقاد الذين ساءهم ظهوري الإعلامي انتقاداً شخصيّاً لا يأخذ في الاعتبار أن الفلسطيني الموجود في سورية يحمل في قلبه وطنين، هما فلسطين وسورية في آن معاً.

¶  كيف ترى سورية حالياً؟
سورية اليوم أمٌّ حزينة، حزينة من قسوة أبنائها.. حزينة لدماء أبنائها التي سالت دون داع ولا فائدة.. حزينة من الفوضى التي يتمناها بعضهم لها.. هي حزينة بحق، وهذه حقيقة لا يمكننا أن نغفلها، إذا أردنا الخروج من هذه المحنة بوطنٍ حقيقي لا بشبه وطن، ولا بمجموعة أوطان.
¶ سأسألك عن سورية الغد، كيف تراها خصوصاً في ظل الإصلاحات والقرارات التي بدأت تصدر توالياً من الحكومة والقيادة السورية؟ وما رؤيتك للحل؟
طبعاً القرارات جداً مهمّة، خصوصاً السياسية منها، مثل دعوة القيادة للحوار وإصدار العفو العام.. إلخ. لكن الأهم كيف ننظر إلى هذه الإصلاحات، إن نظرنا إليها على أنها غير كافية ونريد المزيد فحتماً سنورط أنفسنا بحمام دم لن ينقطع، فلا حدود لكلمة مزيد أبداً عند الحديث عن الأوطان، لأنه بالأساس لا يوجد وطن كامل، كل الأوطان ناقصة وتتطلب مزيداً من الإصلاح ومزيداً من البناء والحرية والأحزاب إلخ.. أما إذا نظرنا إلى هذه الإصلاحات بوصفها لبنات سيُبنى عليها، فحين ذاك نجد أنفسنا مساهمين في البناء وصولاً إلى ما ننشده في هذا الوطن، بكلمات أخرى يجب أن ننطلق من مبدأ بسيط للغاية؛ هو أن القادة يعطون ما هو ضروري وليس ما هو متوقع.ورغم هذا؛ هناك شرط وحيد للوصول إلى سورية الغد المنشودة، وهو شرط غاية في البساطة وغاية في التعقيد في آن معاً، الشرط هو أن نصل جميعاً إلى سورية الغد على متن مركب واحد اسمه سورية، يجب أن نصل جميعاً «قيادة، معارضة، والشعب بمختلف مكوناته وأطيافه»، عدم وجود أي مكوّن من هذه المكونات في سورية الغد سيكون الخاسر بالنتيجة هو الوطن نفسه وليس فلاناً ولا علاناً. هذا الشرط أدركته القيادة السورية، والرئيس لأجل ذلك فعّل لجنة للحوار الوطني، إلا أن المستغرب الآن هو الموقف المتزمّت الذي تنتهجه بعض وجوه «المعارضة» والذي ترمي من خلاله إلى إسقاط أحد مكونات هذا الوطن، وهذا يشير بوضوح إلى وجوهها الحقيقية التي تخفيها وراء قناع «المعارضة»، وهي مع الأسف وجوه غربية وصهيونية لا تنشد لهذا الوطن خيراً، ودائماً أقول إن الإصلاحات بحاجة إلى بيئة ومناخ آمن فلا إصلاحات تتم عبر البندقية.

¶ كيف تقرأ استمرار خروج بعضهم إلى الشارع رغم القرارات الإيجابية التي صدرت ورغم الإصلاحات التي بدأنا نلمسها على الأرض؟ وما رأيك في مواصلة أعمال التخريب وما المؤشر الذي تفهمه من ذلك؟
ليست المشكلة في من يخرج، لأنه هو يريد أن يخرج، وليس هناك أي مشكلة بما يطالب به من إصلاحات وحرية.. لكن المشكلة الحقيقية في من يخرج لأنه مدعو للخروج، لأنه لا يعلم لماذا يخرج، المشكلة عندما أكون موجّهاً ولا إرادة لي بما أفعل، أدعو من منبركم هذا كل الشباب السوري أن تكونوا ذواتكم أنتم، فقصر العمر لا يسمح أن تكونوا أشخاصاً آخرين، أو ألعوبة بيد الآخرين.في ما يتعلق بالشق الآخر من سؤالك، يعني بصراحة أنا أستغرب وأضحك بنفس الوقت من حرق صورة أو كسر تمثال، أريد أن أسأل هؤلاء: هل خلاصكم الذي تنشدون مكتوب بحبر سري على صور الرئيس الأسد أو صور السيد نصرالله لتحرقوها حتى تظهر لكم؟!! أعتقد أن هذه التصرفات تعكس جهل مرتكبيها، وهي كمحصلة نهائية لن تعود إلا بمزيدٍ من الفوضى والدمار على بلدنا، هل هذه هي الحرية؟ هل يستطيع مواطن أمريكي حرق الدولار لأن عليه صورة جورج واشنطن رغم كونه مجرماً؟

¶ بالحديث عن قطر وتركيا، كيف تقرؤون موقفهما من الأحداث في سورية؟
بالنسبة إلى قطر، لا بد لنا أن نفصل بين قناة «الجزيرة» كقناة تعمل من قطر وبين قطر كدولة عربية.. حكماً قطر ليست «الجزيرة».

 ¶ لكن ألا يخالف هذا موقفك المعلن من قطر؟
دعني أكمل وجهة النظر، أنا مازلت على موقفي من قطر، ولكن لماذا هذا الموقف؟ لأن قطر ببساطة باتت أسيرة قناة الجزيرة ذاتها، هي أسيرة لأفعى فرض الغرب تربيتها ورعايتها على قطر وأطلق عليها اسم «الجزيرة» لإخفاء عطب أنيابها، يعني عندما يخرج وزير الخارجية القطري وينفي تدخله في قرار قناة الجزيرة.. أنا أصدقه، لأن الجزيرة هي من تتدخل في قرارات الدولة القطرية وليس العكس، الجزيرة هي التي تفرض على حكام قطر ماذا يقولون وكيف يكون موقفهم من الأحداث.. إلخ.. لهذا السبب أنا وقفت ضد قطر، لأنها صغيرة. لأنها بسكوتها عن حقيقة قناة «الجزيرة» أصبحت طرفاً خسيساً من المؤامرة التي تحاك ضد الوطن العربي بأسره، وليس فقط ضد سورية..
قطر تخشى اليوم من اكتشاف حقيقة كونها مجرد ألعوبة في يد الغرب، يعني وبفضل الجزيرة نفسها أخذت حجماً أكبر بكثير من حجمها، لم يدرك أحد أن الدور الذي لعبته في لبنان مثلاً وعقد اتفاقية «الدوحة» هو دور سوري لم تخرج فيه قطر عن السيناريو الذي فرضته سورية عليها وعلى الأطراف اللبنانيين، الجميع صفّق ويصفّق لحمد، وحمد هو والجزيرة وقطر مجرد كومبارس على المسرح الدولي الذي لا دور فيه إلا لأصحاب الأدوار وأصحاب التاريخ والجغرافيا، وليس لمن يخفون في بلادهم وجود القواعد الأمريكية ووجود شركة «بلاك ووتر» بنفاق قناة الجزيرة.
بالمناسبة أنصح أمير قطر بما أننا اكتشفنا أن لديه طائرات يمكنها ضرب العرب، أنصحه أن يطلب من أمريكا إعطاءه قاعدة جوية في واشنطن لحماية أمريكا من كوبا!! فعلاً مواقف تثير الضحك، ولا تستحق تعليقاً أكثر.
مؤتمر أنطاليا
¶ ما تقييمك لمؤتمر «المعارضة السورية» في أنطاليا؟
المشكلة ليست في المؤتمر إنما في المؤتمرين بحد ذاتهم، فمؤتمر معارضة يعني وجود رأي آخر، والرأي الآخر أمر إيجابي وليس سلبياً بحد ذاته، وهو مجدد للنشاط السياسي العام في سورية، لكن شريطة أن يفرز نقاشاً أساسه المحبة ويرمي إلى الوصول إلى الحقيقة، لا أن يكون مجرد جدال فارغ، فالجدال جدير بالازدراء عندما يقتصر على محاولة إثبات خطأ الآخر.
 في ما يخص «مؤتمر أنطاليا» بالتحديد، لو فرضنا أن بعض الوجوه الحاضرة في المؤتمر عليها أحكام ولا تستطيع الدخول إلى سورية، طيب.. المؤتمر تزامن مع عفو عام أصدره السيد الرئيس، لماذا لم تعقد هذه المعارضة مؤتمرها داخل الوطن الذي تدّعي الدفاع عنه؟ لماذا محاولة ضرب العلاقات التركية السورية؟ طبعاً من الواضح أن المؤتمر هو للاستهلاك الغربي ولزيادة الضغوط على القيادة في سورية، وهؤلاء يعلمون جيداً أن القيادة في سورية أكبر من الضغوط ولا تعطي من خلال الضغوط، وحتى الغرب الذي يعولون عليه هو اليوم متورط ولا يمكن استمالته بهكذا ألاعيب. لكن الأهم من ذلك كله أن شعبنا في سورية بات على دراية كاملة بلعبة النار التي تمارسها من تسمي نفسها «المعارضة».. الشعب سوري فهم أن «الطريق إلى جهنّم معبّد بالنوايا الحسنة»، فكيف وروائح المؤامرة الصادرة من نوايا «المعارضة» باتت تزكم الأنوف.
أقول: كنت أتمنى من أردوغان أن يتيمّن بجيفارا قطر، حمد بن خليفة، الذي فتح سوق وصفات جاهزة لـ«الثورات العربية» في قطر، ثورة للإيجار وأخرى للبيع، كنت أتمنى من أردوغان أن يحوّل الفندق الذي نزلت فيه «المعارضة السورية» إلى مدرسة سياسية تعلّم هؤلاء حقيقة سورية.
¶ وبالنسبة إلى تركيا؟
لا أعتقد أن العلاقة بتركيا على هذه الدرجة من السوء، فهناك استراتيجية بعيدة المدى تحكم العلاقات السورية – التركية، وهي حكماً تتجاوز روابط العلاقات الشخصية بين القيادتين إلى مصير المنطقة برمتها، وكلتا القيادتين تدركان هذا الأمر جيداً، رغم أن تركيا مربوطة إلى حد ما بالعجلة الأمريكية، ورغم أن حججها باستضافة مؤتمر المعارضة لا تقنع أحداً، فلا يعقل أن يستضيفوا المعارضة لأنهم بلاد ديمقراطية ويطردون من تظاهروا ضد المعارضة لأنهم بلاد ديمقراطية أيضاً..
على كلٍّ، لا بد لنا من قراءة تفاصيل الموقف التركي جيداً، وعدم إغفال حقيقة أن حزب العدالة والتنمية اليوم على أبواب انتخابات، تنعكس تخبطاً في الموقف التركي برمته، ورغم هذا تركيا تدرك أهمية سورية بالنسبة إليها، ونتمنى جميعاً أن يعود الدفء إلى هذه العلاقات مع نهاية الأزمة في سورية، والتي بات الجميع يتلمس أنها شارفت على النهاية. أعتقد أن أحمد داوود أوغلو سيضطر إلى استعمال مفهومه «تصفير العلاقات» الذي أورده في كتابه «العمق الاستراتيجي» من جديد مع سورية، حيث يبدو أن العلاقات بحاجة إلى إعادة تصفير.
ورغم ذلك، أدعو الخارجية السورية إلى شطب مفردات مثل «الأشقاء والإخوة..» من قاموسها السياسي وبناء علاقات على أساس مصلحة الشعب السوري فقط.

  ¶وماذا عن خطة بندر؟
كما ذكرت، السعودية شاخت، ولم يعد بإمكانها ضبط أو السيطرة على بعض المتنفذين فيها، بندر اليوم هو ورقة رخيصة من أوراق المؤامرة، يعتقد أنه وباشتراكه فيها سيكون له دور في المستقبل، لنتذكر قبل سنين قليلة التقارير التي تحدثت عن محاولة بندر الانقلاب على الحكم في السعودية بمساعدة أمريكا، هو يظن أنه سيعطى أجره بمملكة ما يأخذها بعد سقوط الوطن العربي، وهي الخديعة نفسها التي أوقع الانكليز فيها الشريف حسين حتى يشعل الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية، طبعاً أنا هنا لا أنتقد الشريف حسين ولا أندب الدولة العثمانية، إنما أطرح مثالاً على محدودية الرؤية أحياناً لدى بعضهم.

¶ قبل أيام انعقدت قمة الثماني الكبار، وكانت متمحورة حول الأوضاع الشرق أوسطية وخصوصاً في سورية، حيث تم النقاش حول مشروع الديمقراطية الأمريكية ونشرها في الشرق الأوسط. هل تملك أي معلومات عن المؤتمر المذكور؟
ليس مهماً ما يرشح عن مؤتمرات هكذه من قرارات، لأنها قرارات ومواقف بالأساس مترفة وموجهة إلى شعوبها حتى تخفف الضغط عنها، وهي في أحسن الأحوال تصلح للاستهلاك بصالونات السياسة والحديث العام، يعني ما الجديد عندما يكرر ساركوزي كلام أوباما في دعوة الرئيس الأسد للإصلاح أو الرحيل؟!! لا شيء جديداً أبداً سوى أن الفرنسي ساركوزي يسير في خطى البريطاني طوني بلير يوم تماهى مع أكاذيب بوش في احتلال العراق.الأهم من ذلك في اعتقادي هو الانتباه ومراقبة المطبخ الرئيسي الذي تطبخ فيه هذه الأحداث التي نشهدها وتطبخ فيه أيضاً مواقف هؤلاء الدمى أنفسهم الذين يخرجون ليوجهوا سياسة هذا البلد أو ذاك وكأنهم «ملائكة» ونحن «شياطين».
  ¶ ماذا تقصد بالمطبخ الرئيسي؟
أقصد اللوبي الصهيوني العالمي.. لم يعد هناك لوبي صهيوني يعمل في أمريكا وآخر يعمل في فرنسا وثالث في بريطانيا.. هناك لوبي صهيوني عالمي تعمل لمصلحته مراكز بحوث ودراسات بميزانيات ضخمة، هناك لوبي صهيوني عالمي أجبر أوباما على سحب كلامه أمام نتنياهو بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من صدوره، هناك لوبي صهيوني عالمي أجبر أعضاء الكونغرس الأمريكي على التصفيق كالحمقى لشطحات نتنياهو العنصرية العفنة، هناك لوبي صهيوني عالمي أجبر أمير قطر على زيارة إسرائيل، وأجبرهم على استقبال بيريز في قطر، أجبرهم على تمويل قناة الجزيرة بمليار دولار شهرياً رغم معرفتهم بطبيعتها، أجبر تركيا على استضافة مؤتمر «المعارضة» السوري في أنطاليا رغم معرفة تركيا بمدى تكلفة هذا المؤتمر على علاقاتها مع سورية، أجبر السعودية على عقد صفقة أسلحة بـ600 مليار دولار مع أمريكا، أو مع مصانع الأسلحة الصهيونية في أمريكا رغم معرفة ملك وأمراء السعودية أن هذه الأسلحة ستستخدم في إسقاط الأسرة الحاكمة نفسها.. يجب علينا مراقبة هؤلاء وكيف يتحركون وماذا يطبخون، أمّا موقف هنا وآخر هناك، فهذه مجرد انعكاسات لا أكثر.
¶ تحدثت عن سيناريو قادم معد للخليج العربي، حيث سيشهد تقسيماً وتغييراً سياسياً، هل تربط ذلك باندلاع حرب مثلاً؟
حرب مع من؟ ولأجل من؟ ما تقوم به السياسة لا دور فيه للحرب أبداً، الخليج سيتغير دون إطلاق رصاصة واحدة تحت عنوان «حرب»، المضحك أن ما تقوم به دول الخليج اليوم مشابه تماماً لمواقف الدول الأوروبية الصغيرة في العصور الوسطى، وهو للسخرية لا يمنع سقوطاً هنا أو هناك ولا يؤجل قدراً كان مكتوباً للوطن العربي برمته؛ انظر معي إلى دورها في اليمن ودورها في البحرين، انظر إلى التمايز بين «دبلوماسية العجز» في اليمن وبين «عسكرة الصراع» في البحرين، تجد حجم التخبط والارتجال في ظل غياب معالم واضحة لاستراتيجية تنقذ ما يمكن إنقاذه، الأجمل من هذا هو قيام قطر بالانسحاب من المبادرة الخليجية في اليمن، يعني كأنها تريد أن تقول إنها مستقلة في قرارها، أو أن موقفها هذا من صالح سيعزز من موقفها في الداخل القطري الذي بدأت تصيبه العدوى نفسها!!

¶ في الأزمة شاهدنا فضائيات عديدة تجعل من كل أخبار الدول العربية والعالمية ثانوية وتركز على الخبر السوري، حتى إن بعضها يهاجم الإعلام السوري ويصفه بالخائن وما شابه ذلك، وكان لصحيفة «بلدنا» نصيب من هذه الحملة، كيف تقرؤون دور الإعلام في هذه الفترة؟ وماذا تقول للإعلاميين على وجه العموم، ولصحيفة «بلدنا» على وجه الخصوص؟
هناك بعض المحطات، لن أسميها وقد باتت معروفة، تلعب بالنار، لكن اللعب بالنار لا يجعل من النار لعبة، هذه المحطات بالتأكيد لها أجندة خاصة قد تتصل بمسائل تمويلها أو بقائها.. لكن هذا لا يعفي بطبيعة الحال الإعلام السوري من مسؤولياته، وهنا أدعو إلى البدء فوراً ببناء مؤسسات إعلامية حقيقية، يمكن لها أن تتصدى بفاعلية للحملات الإعلامية الموجهة ضد سورية، واعذرني إن قلت إن أداء الإعلام السوري بشقيه الرسمي والخاص خلال الأزمة هو أداء باهت يفتقر إلى الكثير من الجرأة التي امتلكها مع الأسف الإعلام المضاد، تشعر وأنت تتابع الإعلام السوري أنه إعلام خائف، وباعتقادي لا يمكنك محاربة عدوّ لديه قواعد عسكرية في رأسك. أتمنى لو يستطيع الإعلام السوري الخروج من عباءة المدرسة القديمة في الإعلام، وأن يكتسي ثوب الحداثة والتطور بما تعنيه هذه الكلمات من جرأة في الطرح وعمق في المضمون وسرعة في الأداء وخفة على المتلقي..
أقول للعاملين في صحيفة «بلدنا» أنتم في معظمكم لا تزالون شباباً وعليكم أن تتحملوا مسؤولياتكم الكبيرة التي يفرضها موقعكم المميز في الحقل الإعلامي، وأعتقد أن التجربة الحالية رسخت وجود صحيفتكم في الشارع السوري كصحيفة وطنية لها دور في البناء وهدف في الوصول إلى سورية الأجمل.
إلى «بلدنا»
¶ في نهاية الجزء الأول من المقابلة.. كلمة أخيرة للشعب السوري؟
في اعتقادي علينا جميعاً ألا نشعر بالمرارة مما يجري من أحداث رغم حجم المؤامرة الكبير، وعلينا أيضاً إبعاد شبح الإحباط عن جوّنا العام حتى نبدأ من جديد في بناء سورية الغد، فالخاسرون يدعون التجارب فشلاً بينما الرابحون يدعونها تعلّماً وتجربة، والتجربة معلّم صعب لأنها تعطي الاختبار أولاً ثم الدرس ثانياً، وهو اختبار من المؤكد أنه صعب، لكن الاختبارات الصعبة لا شك وأنها تصقلنا، بينما عدم اختبار أي من الصعاب فهو مفسدة لنا جميعاً.

بلدنا _ علي مخلوف

هناك تعليق واحد:

maramkasem يقول...

استاذ ياسر نحن في سوريا فخورين بك وبأمثالك وظهورك على الشاشة وسماع تحليلاتك ومعلوماتك يثلج صدورنا