10‏/9‏/2009

ياسر قشلق يهدي الرئيس الأسد زيت زيتون فلسطيني

(الوطن)
أقامت مؤسسة «القدس الدولية» فرع سورية مساء الثلاثاء الماضي حفل استقبال وأمسية خيرية بمناسبة شهر رمضان المبارك بهدف جمع التبرعات لتمويل مشاريع في المدينة المقدسة، وحشد جميع الإمكانات للتصدي للهجمة الصهيونية المستمرة على المدينة.
حضر الحفل الدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية رئيسة مجلس أمناء مؤسسة «القدس الدولية»، وشهناز فاكوش عضو القيادة القطرية رئيسة مكتب المنظمات الشعبية، ونائب رئيس مجلس أمناء المؤسسة فرع سورية باسل جدعان، وعدد كبير من الشخصيات السياسية السورية والفلسطينية ورجال أعمال فلسطينيون وعرب.


وكان لافتاً خلال الحفل حضور رجل الأعمال الفلسطيني رئيس حركة «فلسطين حرة» ياسر قشلق، حيث شارك بالمزاد الذي أقيم على «تنكة زيت فلسطينيّة» يعود ريعها لمؤسسة القدس، واشتراها بمبلغ مليون ومئتي ألف ليرة سورية ليقدمها هديةً للرئيس بشار الأسد، هذا فضلاً عن تبرعه بمبلغ تسعة ملايين ليرة سورية لمصلحة إنشاء مشاريع في مدينة القدس.



لقاء


ياسر قشلق

وعلى خلفية حفل الاستقبال كان لـ«الوطن» وقفة مطولة مع ياسر قشلق للاطلاع على أنشطته المختلفة لدعم القضية الفلسطينية من خلال مؤسسة «القدس الدولية»، و«حركة فلسطين حرة»، و«منتدى الأعمال الفلسطيني»:
أريد بدايةً التوقف عند الحدث الأبرز خلال الحفل، أقصد شراءك لـ«تنكة الزيت الفلسطينية» وتقديمها هديةً للرئيس بشار الأسد، لمَ اخترت هذه الهدية؟ ولم اخترت الرئيس الأسد لتقدمها له؟

لا شك أن شجرة الزيتون اكتسبت عبر العصور رمزيّةً خاصة على أرض فلسطين تختلف تماماً عن أي مكان آخر في العالم، حتى إن هناك ترابطاً غريباً بينهما لدرجة يمكنني القول فيها: إن أفضل معبّرٍ عن فلسطين هي شج
رة الزيتون المباركة، ولذلك رأيت أنها أفضل هدية من أرض فلسطين يمكن تقديمها لقائد عربي يدافع عن القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين ولم أجد سوى الرئيس بشار الأسد. وربما لا تتسع صفحات جريدتكم لبيان كل الأسباب التي تدفعني لاختيار الرئيس الأسد لأقدم له هذه الهدية الرمزية، لكني أقول: يكفي احتضان سورية شعباً وقيادةً للشعب الفلسطيني ومقاومته لعشرات السنين وتحملها تبعات هذه المسؤولية الكبيرة، يكفي التزامها هموم الشعب الفلسطيني أكثر من بعض القيادات الفلسطينية نفسها.. يكفي صمودها وحفاظها على الثوابت والمبادئ في زمنٍ بات من يسمون «عرب الاعتدال» يقدمون فيه التنازلات لإسرائيل بالجملة ودون أي مقابل..



لقد اخترت الرئيس الأسد لأقول له على لسان الشعب الفلسطيني: شكراً.. ولأقول له: «شعب فلسطين يحبك، ويتمنى أن يأتي اليوم الذي يراك فيه على أرضه ليعبر لك عن هذا الحب».

لقد اخترته متمنيّاً أن يكون راعياً رسميّاً للجنة «حماية القدس»، فهو أهلٌ لهذا الشرف أكثر بكثير من الذين يدعون الوصاية على القدس، ويقتصرون بعملهم على الكلام الفارغ من أي مضمون.



بصفتك رجل أعمال يملك العديد من المشاريع الاقتصادية حول العالم، ألا تخشى على استمرارية هذه المشاريع بعد تبرعك العلني لمؤسسات خيرية تعنى بفلسطين، ألا تخشى من أن توجه إليك تهمة «دعم الإرهاب»؟

إن كان تبرّعي لأطفال وطني «دعماً للإرهاب» فأنا أعلنها عبر صحيفة «الوطن» بأني أكبر إرهابي في العالم.

الناحية الأهم في اعتقادي؛ لننظر اليوم إلى الآلية التي نظم بها رجال الأعمال اليهود حول العالم عملهم تجاه إسرائيل منذ عشرات السنين وحتى الآن، لننظر إلى إنشائهم لـ«الصندوق الوطني اليهودي» للتبرع بشكل منتظم للدولة الصهيونية..



ولنسأل أنفسنا في المقابل: هل فلسطين أغلى على قلوب اليهود منّا حتى يضحوا هم بأموالهم في سبيلها في حين نخشى نحن حتى من الإفصاح عن أسمائنا حين نتبرع لها؟

ثم لماذا نخشى؟ وممن نخشى؟ فلسطين أرضنا، ومن حقها علينا أن نبادر تجاهها بأضعف الإيمان، وأعتقد أن ما نفعله هو شطرٌ بسيط من «أضعف الإيمان» ذاك.

وأتمنى بهذه المناسبة عدم تحويل القدس لذكرى نحتفل بها كل عام، فالقدس وفلسطين هما خبزنا اليومي إلى أن يتحقق يوم عودتنا.



أنتقل لسؤالك عن زاويتك الجدلية في موقع «دي برس» المعنونة بـ«أنا حزين»، لمَ ياسر قشلق حزين؟

في اعتقادي أيُّ لاجئٍ فلسطيني يمكن له الإجابة على سؤال كهذا بالفطرة، ببساطة «أنا حزين» لأني لاجئ لا وطن له.. لأني أعاني تشتتاً في الهوية ما شهد التاريخ له مثيلاً، حزين.. لأني ما وجدت إجابةً لسؤالٍ بريء طرحه طفلاي: متى سنرجع إلى فلسطين؟! «أنا حزين» لأني يجب أن أكون كذلك، بل قل: إن أيّ لاجئٍ فلسطيني عاش ويعيش تفاصيل «اللجوء» المؤلمة يجب أن يكون حزيناً!.



أبقى في مقالاتك أستاذ ياسر وأنتقل إلى مضمونها، ألا ترى معي أن تناولك لبعض الشخصيات، سواء أكانت تاريخية مثل الراحل «جمال عبد الناصر» أو حاضرة مثل «محمود عباس» وأحياناً لبعض الدول مثل «مصر»، تناولٌ «قاسٍ» بعض الشيء لحدود يمكن لها التأثير على مستقبلك السياسي؟

(ضاحكاً) لا تتلاعب بالكلمات إما أن يكون التناول «قاسياً» أو لا يكون، لا يوجد حد وسط يدعى «بعض الشيء»، بمطلق الأحوال دعني أسلم معك وأقول: إنه «قاس» بل «هجومي» كما يصف البعض، لكن دعني أطرح تتمة سؤالك: لماذا هو تناولٌ قاسٍ؟ هل بقصد تسفيه هذه الشخصيات؟ بالتأكيد لا! هل بقصد البروز مثلاً؟ أيضاً لا! لكن لأجل الحقيقة، ولأجلها فقط.



ومن ناحية أخرى؛ أنا لدي قضية اسمها «فلسطين» وهي «المقدس» الوحيد بنظري، وما سوى ذلك لا يقترب من أعتابها سواء أكان الحديث يجري عن دول أم شخصيات، خاصةً عندما يكون التناول لهؤلاء موضوعيّاً وحقيقيّاً، ومندرجاً في سياق الدفاع عن قضيتي.

ورغم ذلك؛ أسلّم معك بأن البعض يخاف من «الحقيقة» أيّاً كان قائلها، فتراه يشن هجوماً فارغاً من أي مضمون، ولا يتعدى كونه «ردود فعل» لا طائل منها.

أمّا فيما يتصل بالشق الثاني من السؤال، أقولها صراحةً: لم أدخل معترك السياسة طمعاً بمستقبلٍ فيها، ثم أي مستقبل تمنحه السياسة! أنا باختصار أنتصر لقضيتي ولست مهتمّاً بأحدٍ سواها.

بصفتك رئيس ومؤسس «حركة فلسطين حرّة»؛ كيف تعرّف لنا حركتك؟

أولاً؛ هي ليست حركتي، هي حركة كل إنسان في العالم رفض السكوت عن الظلم المفروض على فلسطين منذ أكثر من ستين عاماً.. هي حركة ولدت من رحم المعاناة الفلسطينية لتضم ناشطين من جنسيات وقوميات وديانات مختلفة حول العالم، أدعوهم «الفلسطينيين الجدد» يعملون طوعياً لإعادة تصحيح ما شوّه من نضال وواقع وتاريخ المأساة الفلسطينية.

وللأسف الحركة تضم اليوم أكثر من أربعة آلاف ناشط غربي، في حين عدد النشطاء العرب المنتسبين إليها قد لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.

في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة ضدكم لمحاولاتكم المستمرة كسر الحصار المفروض على غزة، ولكونكم حركة سياسية، كيف تواجهون هذه التهديدات وخاصةً أن نشاطكم غير مسلح خلافاً لعدوكم؟

أريد أن ألفت النظر إلى أننا لسنا حركة سياسية، بل نحن «حركة إنسانية» بأنياب..



ما الفارق بين «الحركة السياسية» و«الحركة الإنسانية»؟

أن تكون «حركة سياسية» فهمّك هو الوصول إلى المنصب السياسي كما هي حال معظم الحركات السياسية الموجودة دون تسمية أحد بعينه، على حين نحن «حركة إنسانية» تضم كل مناصر للإنسانية في العالم، وعليه فهمنا هو الإنسان، وبالتحديد الإنسان الفلسطيني، ولا نطمح لأي منصب سياسي.



بالعودة لسؤالك أقول: ربما السلاح، على أهميته وعظمته، ليس الخيار الوحيد لمواجهة العدو الصهيوني، فكل شيء ينقلب بيدك لسلاح، وسلاح خطير جداً، عندما تناصر الإنسان بإخلاص، فالإعلام الصادق سلاح، عدم اللجوء للعنف، أحياناً، سلاح.. وأريد هنا الرجوع بالذاكرة إلى سفن كسر الحصار التي أطلقناها وكيف واجه ناشطوها المدنيون البحرية الإسرائيلية المدججة بالأسلحة الثقيلة بالصبر والثبات إلى أن انتصروا على إسرائيل في كل مرة ونجحوا في اختراق الحصار وأدخلوا مساعداتهم لأهل غزة.



إلى أين تريدون الوصول بحركتكم؟

كما أن لا حدود لمعاناة الفلسطيني، أيضاً لا حدود لأهداف «حركة فلسطين حرة»، أريد أن أستعير قولاً لجيفارا في هذا المقام مفاده: «كي تكون واقعياً عليك أن تطلب المستحيل»، وفي تصوري نحن لا نطلب المستحيل، نحن نطلب حقنا بكامل أرضنا، فلسطين التاريخية، من النهر إلى البحر ومن لبنان إلى خليج العقبة... وما دون ذلك أعتقد أن أي نصر لنا لو حصل، ما هوى سوى خطوة على طريق هذا الهدف العظيم..

وأريد أن أفصح هنا عن عزم الحركة رفع دعوى دولية في المحاكم البريطانية بحق رئيس الوزراء البريطاني آرثر بلفور صاحب «الوعد المشؤوم»، وذلك بمساندة نواب بريطانيين سابقين وحاليين.



ما برنامج الحركة؟

لا يمكن لك وأنت تواجه عدوّاً كالعدو الصهيوني أن تضع برنامجاً واضح المعالم لنشاطك، فكل يوم تتفتق ذهنية إجرامهم عن أمرٍ ما، والمتابع لما يحصل بالفترة القليلة الماضية على أرضنا المحتلة يعي ما أقوله تماماً، خاصةً ما يفصح عنه المجرم ليبرمان، وعليه ترى نفسك مضطراً، للأسف، أن تغير سلم أولوياتك تقديماً وتأخيراً لمواجهة حراك عدوك المستمر ضد أرضك.

لكن يمكن القول: إننا نسير على خط رئيسي هو إحياء الذاكرة الفلسطينية التي شارفت على النسيان في ظل هذا التشرذم الذي يعيشه شعبنا أينما وجد، سواء بالداخل أو بالخارج، نحاول إحياء فلسطين من جديد دون أي إضافات أخرى، لا حدود الـ67 ولا غير ذلك، هذه هي استراتيجيتنا الوحيدة، ونشاطاتنا الآنية هي متغيرات يفرضها واقع الإجرام الصهيوني، لكنها تصب بالنهاية في هذا النهج.



أين ترون هدفكم، فلسطين التاريخية، في ظل زحام الحلول المطروحة على الساحة الآن، من خريطة الطريق إلى المبادرة العربية إلى آخره؟..

أنا لست معنياً بأي حل لا يعيدني إلى أرضي، ثم على «تواضع» هذه الحلول هل تسير إسرائيل تجاه أي منها؟! لماذا نستمر بدفن رؤوسنا بالتراب كالنعام، ولا نعترف أن إسرائيل غير مؤمنة بأي حل ولو كان إبادة الفلسطينيين عن آخرهم؟!



ثم ماذا فعلت لنا –نحن الفلسطينيين- كل هذه الدول العربية وغير العربية؟ جميعنا نذكر كيف طالبنا العرب إبان العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة بعقد قمة عربية طارئة فقط لأجل أن يثبت العرب وجودهم لا أكثر، وجميعنا يذكر كيف تخلفت هذه الدول العربية نفسها صاحبة هذه المشاريع عن الحضور، بل عملت على عرقلة عقد مثل هذه القمة، التي لولا الجهود السورية والقطرية ما كانت لترى النور.

وبعد هذا يأتي من يطالب سورية بالعودة إلى الصف العربي! أقول: إن هذه الدعوات أصبحت متأخرة جداً، خاصةً بعد أن أثبتت دمشق صحة رؤيتها واستطاعت كسر طوق العزلة الذي حاول العالم الغربي بالتآمر مع بعض العرب فرضه عليها.
هم يريدون جر سورية لصفهم حتى تصبح كما هي حالهم «عاطلةً عن العمل وعن التفكير وحتى عن الكلام».. هم يريدون صنع «سلام الصالونات» مع إسرائيل، ويتجاهلون أن صنع السلام يحتاج إلى مقاومةٍ شريفة كالتي تدعمها سورية.

علينا منذ اليوم أن ندرك هذا الذل والمهانة التي نحياها ونصرخ بوجه كل الحلول الانهزامية وبوجه مروجيها عرباً وغربيين: لا؛ لا نريد المبادرة العربية ولا خريطة الطريق، ولا أوسلو ولا وادي عربة.. كفانا ذلاً، نريد فلسطين وكامل فلسطين..

وسواء أنجحت «حركة فلسطين حرة» بتحقيق ذلك أم لم تنجح، يكفينا شرفاً أننا حاولنا، يكفيني شرفاً بصفتي مؤسس ورئيس الحركة أني لن أواجه سؤالاً من جيلنا المقبل: لمَ خرجتم من أرضكم؟ هذا السؤال المؤلم والمخزي الذي سألناه آباءنا وأجدادنا عقب النكبة.. يكفيني أني سأقول لأولادي بعد حين من الدهر: لقد حاولت العودة إلى وطني!!

ليست هناك تعليقات: