2‏/3‏/2015

ياسر قشلق: أقبل أن يقصف الجيش المصري غزة شريطة أن يقصف "تل أبيب" ولو بالخطأ

ياسرقشلق
أجرت وكالة (FPA ) لقاءاً موسعاً مع الأستاذ ياسر قشلق رئيس حركة فلسطين حرة، تناول خلاله مجمل التطورات على الساحة العربية، حيث اعتبر أن "ما تشهده منطقة الخليج من حراك سببه رفع واشنطن للغطاء الأمني عن دول الخليج، وهو انعكاس لحالة الضياع التي يعيشونها".
وتمنى قشلق أن "ينتصر الجيش المصري على "الإرهاب"، لا على الفلسطينيين"، معلناً قبوله "لقصف الجيش المصري غزة لكن بشرط وحيد هو أن تقصف تل أبيب أيضاً ولو بالخطأ".
ودعا رئيس حركة فلسطين حرة الفصائل الفلسطينية إلى "مؤتمر عام لرسم هيكلية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية، تراعي ما حصل من متغيرات على الأرض".
وجاء في نص اللقاء:


• أستاذ ياسر، هل تعتقد أن منطقة الخليج بما تشهده حالياً من حراك ستشهد ولادة محور جديد خصوصاً مع تولي الملك سلمان دفة الحكم في السعودية؟ وهل سيقلب مثل هكذا محور موازين القوى في المنطقة بما يحد من النفوذ الإيراني؟
- لا أعتقد أن أي حراك خليجي من شأنه أن يسفر عن ولادة محور أو تحالف أو ما شابه، لنكون واقعيين، متى حصل واجتمع العرب ثم خرجوا باتفاق؟ باعتقادي الحراك الذي يشهده الخليج هو بأحسن أحواله مجرد اصطفافات فارغة لن تثمر إلا بعض التنسيق الإعلامي بين دول الخليج، هذا إن حصل أمر مشابه، فكلنا مدركين لمدى الخلافات الحاصلة في الخليج حتى على المستوى الإعلامي ولنا بالجزيرة والعربية مثال واضح عن ذلك.
الحراك الخليجي الحالي هو نتيجة طبيعية لرفع أمريكا الغطاء الأمني عن دول الخليج، هو انعكاس لحالة الضياع التي يعيشونها، لم يصدقوا بعد أن كل ما تريده أمريكا منهم هو النفط، وحين صار ملكها تركتهم في تخبطهم. أمريكا ضابط إيقاع المنطقة وخروجها أحدث هذا الارتباك الذي يعتقده البعض أنه مخاض ولادة محور جديد.
في اعتقادي أن الخليج سيشهد مزيداً من التخبطات لحين خروج أوباما من البيت الأبيض وتولي الجمهوريين هذه المرة الإدارة الأمريكية الجديدة، حين ذاك سيعود الخليج ليخضع لمنطق الجمهوريين في تنفيذ سياسات واشنطن، وإلى ذلك الوقت سنشهد كثيراً من الجعجعة الخليجية لكننا لن نرَ أي طحين.
• أنت تقول أن أمريكا رفعت غطاءها الأمني عن دول الخليج، لكن أليس من مجمل أدوار التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد "داعش" حماية هذه الدول؟
- "داعش" والتحالف الدولي حكاية مختلفة تماماً، بالتأكيد ليس من مهام التحالف أمن الخليج، التحالف الدولي اليوم يشعر بالارتباك، بل وبالعجز أيضاً أمام "داعش"، وبالمناسبة أمريكا باتت على قناعة بعدم جدوى محاربة "داعش" بهذا الأسلوب، بغض النظر عن التصريحات الطنانة التي تطلقها، لكن الوقائع على الأرض تشير إلى خيبة أمل كبيرة من هذه الحرب.
أمن الخليج مسألة تتعلق بدول الخليج وحدها، وعليها وحدها الوقوف بوجه خصومها، سواء أكانوا هؤلاء الخصوم إيران كما يصفونها أو "داعش" وسواها من منظمات إرهابية.
لكن لو فرضنا مثلاً أن الإرهاب هو من يهدد أمن الخليج وأردنا محاربته، كيف لنا أن نحاربه والبيئة الخليجية منتجة للفكر المتطرف؟ هل يمكن للفكر الوهابي أن يثمر ليبرالية مثلاً؟ من المنطقي أن تكون نتيجة الفكر الوهابي "داعش" و"نصرة" و"قاعدة"، مقدمة مثل هذه لا بد وأن تقود لنتائج كارثية مثل التي نعيشها اليوم.
• إلى أين يتجه بتصورك التحالف الدولي ضد "داعش"؟ هل سنشهد اجتياحاً برياً في المنطقة؟
- لا أعتقد ذلك، على الأقل ليس بالطريقة التي يروج لها البعض عن دخول قوات برية من تركيا إلى سوريا وما إلى ذلك، هذا كلام ليس له أي تصريف على أرض الواقع، ربما نشهد بعض العمليات البرية المحدودة والمسنودة من الجو من قبل التحالف وبالذات في العراق، وليس أكثر من ذلك على الأقل في المستوى المنظور.
القضية الأهم باعتقادي، هي ما الجدوى الحقيقية من محاربة "داعش" أو القضاء عليه؟ فطالما لم نتصدى لأسباب ظهور التطرف في المنطقة فسيكون لدينا كل يوم تنظيم إرهابي جديد.
العرب اليوم يدفعون ثمن رهاناتهم الخاطئة، إن كان في سوريا، أو رهانهم على الأمريكي، أو على الإسلاميين، إلى آخره.. وهذه الرهانات كانت تعتمد أساساً على سياسات قصيرة النظر أودت بنا للوصول إلى مجتمعات مهترئة ومهزومة من الداخل.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننكر أن المواطن العربي مواطن قلق بطبعه، نتيجة عوامل مختلفة قد يضيق الوقت لذكرها، قلق على مستقبله، على حياته، على أمنه الغذائي.. المواطنون العرب الذين يشعرون بتخبط مجتمعاتهم ودولهم، ويرون تصدع القيم أمامهم، وتبدل المفاهيم والمبادئ، لا بد وأن ينتهي قسم منهم إلى مصافي التطرف والإرهاب، أعتقد أن محاربة "داعش" والتطرف بشكل عام، يجب أن يبدأ من إعادة بناء المواطن العربي نفسه، وإشعاره بالطمأنينة على أقل تقدير.
مع الأسف، العرب حين استحضروا التاريخ بأزماته البشعة وضيعوا الجغرافيا، ضاع العربي وضاعت هويته معه ما بين متطرفٍ أو غير مبالي.
• أستاذ ياسر بالانتقال إلى شأن عربي آخر، كيف تنظرون اليوم للدور المصري في المنطقة بظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي؟
- لا يمكن لمصر أن تعود لدورها التاريخي في المنطقة طالما أنها تعيش أزمة هوية في داخلها، مصر مقبلة على أحداث كبيرة، وللأسف السياسة المصرية اليوم تنطوي على الشيء الكثير من الكيدية، والسياسة لا تبنى على ردود فعل، مع حبي لمصر وتقديري لها لكن ليس هكذا يتم التعاطي مع مكونات في المجتمع الداخلي لها امتدادات عربية، ولا تنسى أني وقبل حكم "الإخوان المسلمين" كتبت سلسلة "لا إخوان ولا مسلمون" تعبيراً مني لرفض تولي الإخوان الحكم، ولأني أدرك أنه لا يوجد شيء اسمه إسلام سياسي ولا إسلام أمريكي أو سواها من تسميات معلبة..
أشعر أن هناك تخبطاً في السياسة المصرية، وهي تتخذ كثيراً من مواقفها بناءً على القياس وردود الفعل، مثلاً وضع كتائب القسام على لائحة الإرهاب، دعني أقول إنه لم يكن موفقاً. السياسة عملية تراكمية وخبرات ومراكز أبحاث، أعتقد أن مصر أحدثت قطيعة مع كل ذلك.. وسياساتها يقودها مرةً المال الخليجي وأخرى العداوة مع الإخوان.
في سوريا، ما قامت به حركة "حماس" كان موقفاً سيئاً وفيه خذلان للقيادة السورية، ومع ذلك لم تصنف سوريا "حماس" كحركة إرهابية رغم كل ما تمر به البلاد من ضغوط.. فالبوصلة السورية منضبطة بقتال "إسرائيل"، ويكفي "القسام" أنها حركة مقاومة لهذا العدو حتى تلقى احترام السوريين بأسرهم.
أتمنى بالفعل أن ينتصر الجيش المصري على الإرهاب، لكن ليس على الفلسطينيين بأية حال، وأنا أرضى ليس فقط أن تغلق مصر معبر رفح، إنما أقبل بأن تقصف غزة لكن بشرط وحيد هو أن تقصف تل أبيب أيضاً ولو بالخطأ.
وأنا قلت لأكثر من مسؤول مصري التقيته: إن حربكم على الإرهاب عادلة، لكن حربكم على الفلسطينيين هي حرب على قضية عادلة، وهي لا بد وأن تضعكم في المعسكر الخطأ.
وفي هذا السياق، أنا أوجه دعوة جادة لكل الفصائل والشخصيات والقيادات الفلسطينية حتى المستقلين، أدعوهم لمؤتمر عام نستطيع من خلاله رسم هيكلية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية نعطي فيها فرصة للشباب والجيل الصاعد، وأن نضع خارطة طريق تكون على مستوى الأحداث في المنطقة، وتراعي ما حصل من متغيرات على الأرض.
• لو سمحت لي بالتطرق لو سريعاً إلى الإعلام، كثيرة هي الانتقادات التي وجهت لقناة "تلاقي" نتيجة هجومها على المحلل السياسي اللبناني رفيق نصر الله، هل نشهد صراعاً داخل الإعلام المقاوم؟
- أختلف معك بهذه القراءة، تابعت ما حصل على قناة "تلاقي" وهو لا يستحق هذه الضجة، وأعتقد أن على الإعلاميين اللبنانيين تقبل وجهات نظر مختلفة، والكف عن هذه النظرة الدونية التي ينظرون بها إلى الإعلام السوري، يعني السوريين يتحملون الإعلام اللبناني وعنصريته، واللبناني لا يتحمل نقداً بسيطاً حتى وإن كان خاطئاً؟! يحتاج اللبناني للتحلي بقليل من الروح الرياضية. وعلينا جميعاً أن نؤمن بأنه ليس هناك أحد فوق النقد.
• لكن ألا تعتقد لكونه إعلام مقاوم يجب ألا يأكل بعضه؟
- أيضاً أختلف معك بتصنيفك، فمن أعطاه لقب إعلام مقاوم؟ الجزيرة كانت يوماً بنظر البعض إعلاماً مقاوماً ولا تزال بنظر كثيرين كذلك، الإعلام هو الإعلام، وأنا لا أتقبل في هذا الوقت أن يكون هناك "بابا" يوزع صكوك الغفران هذا مقاوم والآخر خائن..
نحن نعيش في زمن المتحولات، ليس هناك شيء ثابت، ما تراه اليوم على أنه مقاوم قد تراه غداً عكس ذلك، خذ على سبيل المثال عزمي بشارة وكيف كانت النظرة إليه، وكيف انقسمت الناس في تصنيفه بعد ذلك.علينا أن نسقط هذه التعاريف الجاهزة، والتي أسميها "تخاريف".
الأمر الآخر، أتمنى على إخوتنا اللبنانيين عدم احتكار النقد وتحريمه على السوري، وليتذكروا أن سوريا كانت سباقة في النقد الجريء والبناء، هناك مسرحيات خالدة انتقدت أجهزة المخابرات السورية والقبضة الأمنية، لنتذكر سوياً "كاسك يا وطن" و"ضيعة تشرين".. هي مسرحيات خالدة وجريئة وبناءة، ولم تكن تحوي نقداً هداماً أو عنصرياً على الطريقة اللبنانية.

http://www.palestineafree.com/index.php?id=39637#.VQNU59KUeRZ

ليست هناك تعليقات: