8‏/2‏/2010

ياسر قشلق: حملة مساعدات ستدخل بالطائرة قريباً إلى غزة

(دي برس - ليبانون فايلز)

اسم تداولته الأقلام والألسن مؤخراً بعد ارتباطه بمساعدات إنسانية وغذائية ملفتة للأراضي المحتلة. اعتقد كثيرون أنه يسعى إلى الرئاسة الفلسطينية المقبلة بينما رشحه آخرون لها ورأوا فيه مسؤولاً أهلاً ويتمتع بالكفاءة والحكمة.
هو ياسر قشلق، رجل الأعمال الذي مهما نجح بجمع الأموال يظل فقيراً إلى أرضه ساعياً إلى العودة إليها واسترجاع العزة والكرامة المسلوبة من شعبها منذ أكثر من ستين سنة.


وفي ما يلي نص الحديث الذي عكس عنفوان قشلق وجرأته في المجاهرة بتبنّيه وانتمائه إلى القضية الفلسطينية؛ كشف خلاله عن الغضب الذي يحرّكه ومشاريع المستقبل التي تؤرقه: 

• لمع اسمك بسرعة وطرح علامات استفهام كثيرة خصوصاً أننا بتنا نسمعه عند الحديث عن مساعدات إنسانية أو نشاطات ترتبط بدعم القضية الفلسطينية، فكيف يعرّف ياسر قشلق عن نفسه؟
دعني بدايةً أشير أني لست معنياً أبداً بتداول اسمي، سواء أكان الحديث إيجابياً أم سلبياً، ما يعنيني هو ما أقدمه للقضية المحورية في حياتي «فلسطين»، وعدا عن ذلك يبقى هوامش لا تأوي مشرداً من وطني ولا تطعم جائعاً فيه. 
أعود لسؤالك؛ أقول عن نفسي: إني «لاجئٌ فلسطيني»، ورغم كرهي لهذا المصطلح إلا أنه يبقى إيجابياً بنظري كونه يذكرني على الدوام بأني خرجت من أرضي قسراً، وأنه يتحتم علي العمل باستمرار للعودة قسراً كما خرجت. 
حلمي هو العودة إلى فلسطين، ولأجل ذلك تراني أحارب إسرائيل على طريقتي وأعتمد على إمكانياتي الخاصة، خصوصاً أنني «رجل أعمال» يؤمن أنه من واجب رجال الأعمال الفلسطينيين تشكيل مجموعة ضغط أو «لوبي» ضد إسرائيل لقدرتهم على فعل ذلك أولاً، ولأنهم مرتبطون بالقضية الفلسطينية ثانياً، شاؤوا ذلك أم أبوا طبعاً، وبالتالي عليهم أن يكونوا فاعلين في دعمها. نحن لا نحتاج إلى «فئران أعمال فلسطينيين» يمنّون إذا أعطوا الفتات، ففلسطين ليست جمعية خيرية نتبرع لها عطفاً، هذا واجب، ولنقارن أنفسنا برجال الأعمال اليهود كيف أنهم يتبرعون بملايين الدولارات عن طيب خاطر.

• دعنا نتحدث عن ياسر قشلق الكاتب، لك زاوية أسبوعية في موقع الـ«دي برس»، كما أنك تكتب في العديد من الصحف العربية، لماذا تأتي كتاباتك غالباً حادة وقاسية؟ وهذا ليس كلامي إنما هكذا توصف، السؤال الآخر في هذا الخصوص: أنت هاجمت قناة العربية، تفاجأت وأنا أحضر لحواري معك بأن لك مقالاً منشور على موقع العربية يحمل عنوان «الموت نكاية في الحياة» كيف تفسر هذا الأمر؟ 
أنا لست «كاتباً» بالمعنى المهني للكلمة، أقصد أني لا أنتظر أجراً على مقالٍ أكتبه هنا أو هناك مع احترامي طبعاً لجميع الكتاب فمهنتهم شريفة وأجرها طاهر. أنا دافعي وراء الكتابة هو «فلسطين» فقط، وكما أسلفت قبل قليل، فإن الكتابة عند ياسر تندرج في إطار إمكانياته المتاحة لمحاربة إسرائيل، وكما هو معروف فإن الكلمة أحياناً أهم بكثير من تجييش الجيوش لأنها تحافظ على الوعي بالقضية وتمنع عنها التآكل بمرور الزمن. الآن؛ فيما يتعلق بوصفك لمقالاتي بأنها «حادة وقاسية» أنا حين أكتب لا أكون مضطراً لمهادنة أحد على عكس بعض الكتاب الذين يضطرون أحياناً إلى تبطين معانيهم أو إلى حذف فقرات من مقالاتهم كرمى لأحدٍ ما، وحتى إن لم أستطع أن أنشر ما كتبت لا أسمح لنفسي بحذف ولو كلمة من مقال، فباعتقادي أن ذلك ليس من حقي أبداً، ويكفي أن يفتح أبنائي يوماً كراساتي التي أكتب فيها ويقرؤون أفكار والدهم كما هي، ولا فرق عندي إن كانت وجدت طريقها إلى النشر أم لا، المهم أن تبقى كما هي محتفظة بصدق اللحظة التي كتبت فيها. وأنا وإن كنت «متطرّفاً» كما يصفني البعض، فإني أؤكد أني أكبر متطرفٍ في دعم «فلسطين» لأنّني تعلّمت أن أكره الإسرائيلي بمقدار كرهه لي، وجميع ما أقوم به من نشاطات سياسية يصب في طريق محاكمة مجرمي الحرب ومجرمي السلام على حد سواء.

فيما يتعلق بالشق الآخر من السؤال، أنا فعلاً انتقدت قناة العربية، انتقدت فيها تغطيتها «اللاموضوعية» للعدوان الإسرائيلي على غزة.. انتقدت فيها «تجاهلها» لذكرى انتصار المقاومة اللبنانية في تموز، وفي اعتقادي أنها تتبع لأجندة تمنعها أحياناً من تناول قضايانا العربية العادلة كمحطة تحمل الهوية العربية، بالنسبة للمقال الذي ذكرته أنا لم أنشره في موقع القناة، إنما في صحيفة «السفير» اللبنانية، وهم من أخذوه نقلاً عنها.

• أشيع مؤخراً أنه يتم إعداد «ياسر قشلق» في الخفاء لتولي منصب الرئاسة الفلسطينية ما مدى صحة هذا الكلام؟ وإلى أين يريد ياسر قشلق أن يصل؟ 
(ضاحكاً) وهل هناك دولة حتى أسعى لرئاستها؟! (بجدية) إن كنت لا أعترف برئيس سلطة ولا حتى برئيس حكومة فكيف لي أن أسعى لتولي منصب الرئاسة، هذا الكلام سخيف، على كلٍ أؤكد أن لا رغبة لي بأن أكون رئيساً أبداً كل ما أريده هو أن يرفرف العلم فوق دولة واحدة سيّدة اسمها «فلسطين» دون أن يكون وجود لشيء اسمه «إسرائيل».

أما عن طموحي فأقول: حين خرجت عائلتي عام 1948 من صفد في فلسطين، وعملت بجهد في بلاد اللجوء وجمعت ثروتها.. كان هناك شعور مسيطر على العائلة بأننا لا زلنا فقراء لأننا مجرد لاجئون لا أرض لهم. وأتذكّر هنا حديثاً دار بين ابني مجد وصديقي جورج غالاوي في بيتي، كان ابني منهمكاً بألعابه، فقال له غالاوي ممازحاً: «أنت غنيّ جداً»، فأجابه إبني: «نحن فقراء وسنظلّ فقراء لأنّنا بدون أرض ولن نكون أغنياء وأعزّاء إلا في أرضنا». ولأن هذا شعورنا جميعاً ترانا نحرص في العائلة أن يكون كل ما نعمل لأجله هو العودة للأرض ومساعدة الإنسان أي إنسان، وهذه كانت وصية جدي لأبي ووصية أبي لنا، وجميع الأنشطة الإنسانية التي نقوم بها اليوم لا تميز بين دين ولا طائفة ولا انتماء، فالمهم عندنا هو مسادة الإنسان فقط، وهذا هو محور طموحي.

• لكن كثيراً ما يتردد أن نشاطاتكم تركز على المخيمات الفلسطينية؟ 
بالتأكيد من واجبنا التركيز على المخيمات، هل تستطيع وأنت ترى مخيمات لبنان، التي لا تصلح للحياة الآدمية، ألّا تمد يد العون لأهلها؟ وأريد أن أؤكد هنا أني حين أقدم العون للمخيمات الفلسطينية أشعر بأني أتقرب من فلسطين «زلفى»، فبعدي عن فلسطين دون فعل شيء لأهلها «ينقص من فلسطينيتي».

وبمناسبة سؤالك عن المخيمات، أنا أكره كلمة «مخيم» وأرفض ارتباطها «العضوي» بالفلسطينيّين، هذه ليست ثقافتنا حتى وإن كان واقعاً مفروض علينا، إلا أنه يبقى أمراً طارئاً مهما طال الزمن. 
وأود في هذا السياق أن أنقل عبر موقعكم مطالبتي للدول العربية إعطاء الفلسطيني حقوقه المدنيّة، فقد آن الأوان ليمارس الفلسطيني حياته بشكل طبيعي، رغم أن مجرد التفكير بهذه الطريقة خاطئ لأن الفلسطيني أولاً وآخراً هو إنسان ومن المعيب أن نذكر الدول العربية بأن الفلسطيني إنسان فالشمس لا تحتاج إلى تعريف، إنّه فعلاً أمر معيب أن نضطر إلى مناقشة صوابيّة إعطاء أو عدم إعطاء الفلسطينيّين حقوقهم المدنيّة وهم شعبٌ صمد وضحّى لأكثر من ستّين سنة. ثم كيف تقبل بعض الدول العربيّة التطبيع مع إسرائيل، الكيان الغاصب والدّاعر والمغتصب واللقيط الذي لا أصول له ولا توجد كلمة تصفه، في حين يصعب على هذه الدول مساعدة الفلسطينيين على أراضيها وتمنع عنهم الدعم لاسترجاع حقوقهم ولا تقوم بأي مبادرات حقيقيّة لدعم قضيّتهم..؟! بصراحة هذا أمر يثير الاستياء والغضب.

• كما تقول دائماً: حلمي العودة لفلسطين، إلى أي فلسطين تحلم بالعودة إلى فلسطين «حماس» أم إلى فلسطين «فتح»؟ 
وصلت إلى قناعة مفادها أن الفصائليّة الفلسطينيّة هي «بلوانا» الأساسية. (بتهكم) أريد طرح مبادرة جديّة لإلغاء الفصائليّة الفلسطينيّة. وسأعمل لإنشاء وزارة المحاربين القدامى كي يرتاح كلّ من حاربوا أكثر من ستّين سنة من دون تحصيل شيء من الحقوق لا في داخل فلسطين ولا في خارجها. ومؤسف بحق أننا تأخرنا كثيراً لنكتشف أنّ تاريخنا مزوّر وثورتنا مزوّرة. يجب أن نندم على أنّ لنا هذا الكم الهائل من الشهداء الذين لم نستطع الوفاء لهم ولم نحقق أمراً ممّا استشهدوا لأجله. 
قضيّتنا "ختيرت" ويجب إعادة الشباب إليها وهذا لا يكون إلا عندما يذهب من هم على الساحة اليوم، مع كل الإرث البغيض الذي تركوه لنا فقد آن الأوان ليرتاحوا. فنحن نريد كلاماً جديداً ونريد دماء جديدة.

• وهل من خيار بديل لحركتي «حماس وفتح»؟ 
«حماس» ليست خياراً كذلك الأمر مع «فتح». الخيار الأوحد هو فلسطين، ولا وجود لفلسطين مع اتفاق أوسلو ولا مع حدود الـ1967، يجب رفض كل هذه الاتفاقات والحلول المخجلة حتى ولو امتد عمر الصراع لألف سنة قادمة، الحل الوحيد هو بعودة «النفايات الأوروبية» إلى مكباتها حيث كانت، وليحاكموا ألمانيا على سوء معاملتهم بدل الانتقام منا. 
وأنا كرئيس لحركة «فلسطين الحرة» المسجلة في أوروبا وأميركا والتي تضمّ آلاف المؤمنين بعدالة قضيتنا حول العالم بأسره مستعدّ للذهاب إلى الصين لجلب مؤيدين جدد للقضية، فاليوم علينا استثمار علاقاتنا الدولية للوصول إلى حقوقنا العادلة دون الاقتصار على الخيارات التي تقدمها فتح أو التي تقدمها حماس، كما علينا أن نقرأ بشكل صحيح المعادلة الإقليمية في المنطقة، لنقرأ مثلاً الدور الفاعل لللاعب التركي، تركيّا اليوم تشغل مكاناً مهمّاً وتقترب من الزعامة على المنطقة، علينا أن نستثمر الجميع دون استثناء، أمّا أن نقول أنه لا وجود لبديل عن فتح وحماس، فهذا الكلام معيب بحق فلسطين، فهي ليست عاقراً بل ولودة، وكما أنها أنجبت أولاداً عاقين لها، فإنها أيضاً تلد الشرفاء والمخلصين لترابها الطاهر.

• كيف تقرأ تعاطي الحكومة المصرية مع القافلة التي حاولت دخول غزة؟ 
القضية انتهت وسأسجلها أنا شخصياً ضد مجهول، لكن يبقى أن التاريخ سيذكر أن هناك قبائل من الأوروبيين والأميركيين هبّت للدفاع عن غزة، في حين بقيت «خيولنا عطشى وقبائلنا العربية تجار ولا تجير». وأعلن، للمرة الأولى عبر موقعكم، أن هناك قافلة ستخرج بالطائرة إلى غزة لتكسر الحصار الوحشي عنها.

وهنا، إسمح لي أن أنقل عتبي على المسيحيّين الشرفاء حول العالم كافة، لقد نسوا أنّ المسيح بات أسيراً اليوم بيد الصهيونية، العالم كلّه يتحرك من أجل بناء صرح ديني أو كنيسة في أيّ مكان في العالم ولا يتحرّك من أجل كنيسة المهد أو القيامة في فلسطين.. يتحرك لأجل تحرير شاليط ولا يتحرك لتحرير سيدنا المسيح عليه السلام، يجب أن يعيد المسيحيون حول العالم ارتباطهم بمقدساتهم في فلسطين، ولذلك دعوت ليوم عالمي لـ«بيت لحم».

• هل تشعر بالقلق من تهويد القدس؟ لا أنكر أن ما يحصل يقلقني، ولكن دعنا نعترف بأن القدس محتلة والأقصى محتل، فهل «بعد الكفر من ذنب»، بنظري مقدساتنا اليوم وهي تحت نير الاحتلال ليست مقدسات فقد تدنست، وتطهيرها ليس بوقف تدنيسها وإبقاء الاحتلال، بل تطهيرها يأتي بصورة طبيعية يوم التحرير، وما يقلق أكثر هو أن هناك بعض العواصم العربية تهوّدت مع الأسف، لكن يبقى الأمل بعواصم أخرى أصبحت فلسطينيّة كدمشق وطهران واسطنبول، هذه العواصم التي اعترفت بالقدس كعاصمة للفلسطينيين فاعترفت القدس بها كمدن فلسطينية تفاخر بها أمام دول العالم..

والأهم من ذلك أنّ الأذى الذي ترتكبه إسرائيل، ترتكبه، بحق جميع المقدسات حتى مقدسات عملائها، والمضحك أنها حتى مع عملائها غير منصفة، وهي تتصرف مع العميل كأنه «واقٍ ذكري» على قاعدة «صالح للإستعمال لمرة واحدة فقط». لم تستعمل إسرائيل عميلاً إلا لمرة واحدة. وإذا نظرنا إلى أوباما اليوم نراه كأنّه لاجئ في البيت الأبيض لأنّه ليس حرّاً، فالإسرائيلي ينظر إلى جميع المتعاونين معه على أنّهم موظفون لديه ولا شيء أكثر من ذلك أبداً.

ليست هناك تعليقات: