14‏/7‏/2009

أنا حزين..

(ياسر قشلق )
حين وقفت الإثنين الماضي للتحدث باسم «لجنة المبادرة الوطنية لكسر الحصار» أمام مؤسسي «حركة غزة حرة» في اللقاء الإعلامي الذي عقد بدار الندوة في (بيروت)، اجتاحتني موجة من الحزن العارم لم أستطع التخلص منها حتى وأنا أكتب هذه الكلمات. لا يعود حزني لأني عقدت مقارنة ظالمة بين مؤسسي ونشطاء «حركة غزة حرة» الذين أتوا من خلف البحار لكسر الحصار المفروض على أهل غزة، وهم متسلحون بإنسانيتهم وإيمانهم بعدالة القضية الفلسطينية، وبين أكبر دولة عربية يلقي مسؤولوها باستمرار محاضرات على هذا الشعب في القانون والاتفاقات الدولية التي تحكم فتح وإغلاق معبر رفح الحدودي، فببساطة المقارنة لا تجوز، كما لا يجوز أن أحزن بسببها. كما أني لست حزيناً لأن رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي اتهم عباس ودحلان بالمشاركة في اغتيال عرفات والرنتيسي، وقدّم دليلاً على ذلك محضر اجتماع «فلسطيني – إسرائيلي - أميركي» عقد مطلع آذار 2004، خطط فيه المجتمعون لقتل عرفات بالسم.. ذلك أن اتهام القدومي جاء متأخراً جدّاً، وهو لم يضف عجيباً على سجل عباس أو دحلان الحافل. وليس مرد حزني كذلك اكتشاف المدعو أفيغدور ليبرمان أن محمود عباس ليس رئيساً شرعياً، فالمُكتشِف وزير خارجية «دولةٍ» غير شرعية بنظري، والمُكتشَف رئيس دولةٍ غير موجودةٍ بنظر المجتمع الدولي. أيضاً لست حزيناً لأن أوباما نجح أخيراً –ولله الحمد- بحل خلافاته المزعومة مع إسرائيل حول المستوطنات، فقد كنت على يقين أن خلافهم كان بأفضل الأحوال للاستهلاك الإعلامي، وبأسوئها سحابة صيف عابرة في فضاء الأحبة يعودون بعدها متحدين ضد أرضي. ببساطة؛ أنا حزين لأن صورةً حزينةً أبت أن تفارقني طوال حديثي أمام مؤسسي «حركة غزة حرة»، وطوال مرافقتي للوفد في زيارته لمخيم «البداوي»، الصورة نقلها أحد الصحفيين لشاهد عيان مصري كان يراقب أطفالاً من بدو سيناء وهم ينهبون المساعدات الغذائية التي كدستها السلطات المصرية في استاد العريش تمهيداً لإتلافها كونها لم تعد صالحة للاستخدام الآدمي، الشاهد المصري ختم حديثه مع الصحفي بأن انفجر باكياً، فعلّق الصحفي على ذلك بالقول: «...ولم يكشف الشاهد عن سبب دموعه، هل لأن السطو تم على معونات يحتاجها فقراء غزة بشدة.. أم لأن الذين قاموا بالسطو فقراء يحتاجون هم الآخرون إلى العون بشدة!!».

ليست هناك تعليقات: